بالتنسيق بين السفارة الليبية في مدريد و” البيت العربي” التابع لوزارة الخارجية الأسبانية ومقره مدريد، وفي إطار الأنشطة الثقافية والسياسية التي ينظمها البيت المذكور، ألقى الدكتور محمود جبريل عشية الأربعاء 28 مارس 2012، محاضرة بعنوان ” التحول السياسي في ليبيا”، حضرها عدد من الشخصيات السياسية والحزبية الأسبانية وبعض المحللين السياسيين ممن يمثلون كبرى مراكز الفكر السياسي في أسبانيا والصحفيين وجمع غفير من أعضاء الجالية الليبية والعربية بمدريد
وقد تناول الدكتور جبريل في محاضرته أهم أبعاد ما حدث في ليبيا من إسقاط للنظام الذي كان قائماً ومحاولة المجلس الوطني الانتقالي والحكومة الانتقالية التوجه بالبلاد نحو النظام الديمقراطي وتحقيق المصالحة الوطنية بين كافة أطياف الشعب الليبي، وأنه بالرغم من الصعوبات التي يواجهها المجلس المذكور والحكومة المؤقتة، إلا إنه يوجد إجماع بين قوى الشعب في الرغبة في التوصل إلى وفاق وطني شامل قبل إجراء الانتخابات العامة في شهر يونيو القادم وتأسيس الجمعية الوطنية والمصادقة على الدستور الجديد
وأشار الدكتور جبريل إلى أن شعوب المنطقة العربية بشكل عام ليست متعودة على الأسلوب الديمقراطي والحوار، الأمر الذي يجعل من الصعب في بداية الأمر إحلال المفهوم الديمقراطي بكل معانيه، ناهيك عن دول لم تشهد منذ عقود إجراء انتخابات ولا تعي معنى صناديق اقتراع أو تأسيس أحزاب كما هو الحال في ليبيا. ففي تونس ومصر مثلاً، اللتان شهدتا أولى الثورات العربية الأخيرة، يوجد جيش وطني وشرطة وقوات أمن، وهي من المكونات الأساسية لحماية الدولة القائمة، إلى جانب وجود مؤسسات وأحزاب وتنظيمات مدنية وأهلية والشعب يدرك إلى حد ما معنى الحزبية والانتخابات التشريعية..الخ، وكانت ترأسها أنظمة مغلفة بالديمقراطية وهي دكتاتورية بحتة في طياتها، أما في ليبيا فالأمر يختلف تماماً لعدم وجود تلك المقومات الأساسية للدولة، فالدولة كانت متمركزة في شخص واحد لا غير وانهارت بانهياره
وقال الدكتور جبريل أن المجلس الوطني الانتقالي تشكل منذ انطلاقة الأحداث في ليبيا من الأجيال الكبيرة في السن، وهو يؤدي مهمته وسط صعوبات جمة، ولكنه ملزم بأن يفسح الطريق أمام الشباب لتولي زمام القيادة في ليبيا، إذ أن 65 % من أفراد الشعب الليبي هم من الشباب، وبالتالي فإن هؤلاء الشباب ملزمون بإقحام أنفسهم في تحمل المسئوليات في الدولة والسير بالبلاد نحو النمو.
وأشار إلى وجود عقود مبرمة مع مختلف المؤسسات والشركات العالمية بما قيمته 80 مليار دولار، وهي عقود مجمدة في الوقت الحاضر، ولا زالت تلك الشركات تعزف عن العودة للعمل في ليبيا مخافة التعرض للخطر أو لما ما تسميه بانعدام الأمن.
وحول العلاقة بين ليبيا بشكل خاص (وبلدان جنوب المتوسط بشكل عام) مع الاتحاد الأوربي، أوضح الدكتور جبريل أن الاختلاف في المساعدة التي تقدمها أوروبا لليبيا قائمة على أسلوب ” الخديعة التجارية”، إذ ينصب اهتمام أوروبا في ضمان مصالحها في ليبيا قبل الاهتمام بمساعدة ليبيا في الخروج من الصعوبات التي تواجهها، مما يمكن تفسيره أنه تخلٍ من جانب أوروبا عن ليبيا، مؤكداً على أن ضفتي البحر المتوسط الشمالية والجنوبية مجبرتان على إحداث أكبر تقارب بينهما في كافة المجالات، وذلك يتم عبر عدة نقاط، أهمها:
التصرف بصورة ثنائية في قدراتهما الاقتصادية –
إزالة كافة الشكوك وانعدام الثقة بين الجانبين –
المعالجة الثنائية للتطلعات المشتركة –
البحث عن كيفية إقامة علاقة جديدة بين أوروبا والعالم العربي –
وأوضح الدكتور جبريل أن العالم شهد في سنة 1987 جملة من الأحداث التي لا تتكرر، ابتداءً من سقوط جدار برلين وتفكك الاتحاد السوفييتي والكتلة الشيوعية برمتها، ودخول العالم مرحلة النظام الدولي الجديد أو العولمة، وهي أحداث لم تؤثر بشكل فعال في العالم العربي الذي نمت شعوبه في إطار ثقافة الخوف. لذا فإن الثورات العربية الأخيرة هي خير برهان على أن الشعوب العربية بدأت تتحرك بعد زمن طويل من التململ مطيحة بقياداتها الدكتاتورية.
14٬730 Comments